.....إبنة_الرّاعي_
الجزء الخامس
........ أصبحت قمر الزمان تأتي إلى الأمير برهان كل صباح وبعد خمسة أيام فتح عينيه ورآها بجواره قال: هل مت وأنت من حور الجنة ضحكت وقالت: أنت حي لكن هنا جنة الغيلان أما جنة السّماء فلم يحن وقتها بعد يجب أن تأكل شيئا
لتستعيد قواك لم اكن قادرة على إعطائك سوى الماء و شراب الفواكه قال: لا اقدر ان أحرك يدي
ردت: هذا من تأثير السم لكنه يزول بعد مدة هذه الضفدعة تقدر على اصطياد فرائس أكبر منها بفضل سمها الذي يشل حركتها فتأكلها وهي حية من حسن حظك أنّي كنت قريبة من هنا وإلا افترستك ببطء .
جلست بجانبه وأطعمته حتى شبع وقالت له: عندما تتعافى عليك أن تخرج من هنا فالغيلان تعرف رائحة الإنس ولا آمن عليك منها وسأدلك على طريق الخروج و عليك ان تعدني أن لا تخبر أحدا بما رأيته هذا المكان بقي على حاله من قديم الزّمان لأن البشر لم يعرفوه وأريده أن يبقى كذلك .
قال برهان الدين أعدك هذا سري وسأدفنه في قلبي
بعد أيام تعافى الأمير واندملت جراحه وذات يوم جلس برهان الدين مع قمر الزمان في باب المغارة وقال لها أريد أن أسألك ماذا تفعل جارية حسناء في هذا المكان الموحش
أجابت هذا المكان اسمه وادي الياقوت وأنا سيدة الغيلان والأقزام وكل الغابة المسحورة وما حولها من قرى
تعجب الفتى وقال إذن أنت ملكة التي يتحدث عن قوتها وحكمتها الشعراء والقصاص
كنت أعتقد أنك من خيال الناس ولا وجود لك
ابتسمت ما قالوه هو الحقيقة لا شك في ذلك
قال لها أنا برهان الدين ابن السلطان النعمان
أجابت لقد سمعت كثيرا عن عدله و مروءته ثم أضافت ما رأيك أن نتنافس في رمي السهام
قال هيا لنرى ماذا علمك الغيلان،
قالت هل رأيت ذلك الجذع به فجوة صغيرة قل لها إنه بعيد لا يكاد يرى ،أخذت قوسها ثم أطلقت السهم فمرق من الفجوة
صاح الأمير هذا مدهش أنا أيضا أقدر على فعل ذلك رمى سهمه فمرق أيضا من الفجوة
تعجبت قمر الزمان وقالت كنت أعتقد أني الوحيدة التي يمكنها فعل ذلك
سأذهب الآن وأنت إياك أن تخرج في غيابي عندما ابتعدت قليلا التفتت ورائها كان الأمير واقفا ينظر إليها أحست بشعور غريب فلقد كانت تحس بالسعادة وبأن وادي الياقوت أكثر روعة وجمالا
مضى الوقت ببطئ و بدأ برهان الدين يحس بالملل فقال في نفسه: سأتجول قليلا في هذا المكان الغريب ولن أبتعد كثيرا من هنا لكي لا أضيع في هذه الغابة .
كلما تقدم إكتشف شيئا عجيبا رأى نباتات الفطر في علو شجرة صغيرة وتكفي لإطعام عشرة رجال وحبة توت في حجم برتقالة وكان يسمع رفرفة أجنحة الفراشات ودبيب أرجل النّمل وزحف الحلزون وأصوات اخرى لم يقدر أن يميزها
كانت الغابة مليئة الورود والنباتات العطرية المختلفة الألوان تسللت رائحتها العطرة إلى أنفه، و أسكرته أحس بإنتعاش روحه أمام هذه الطبيعة البكر فلقد كانت رائعة بشكل لا يوصف أعجبه كل هذا الجمال ،
وتسائل :لماذا يبدو هذا المكان مختلفا عن بقية الغابة لا بدّ أن أسئل تلك الجارية وأعرف السرّ كان الأمير غارقا في أفكاره ونسى تحذير قمر الزمان بعدم الإبتعاد عن حافة الجبل
وإنتظار عودتها و فجأة سمع صياحا وبدأت الأرض ترتجّ تحت قدميه ،ومن بعيد شاهد الأغوال تجري نحوه وهي تلوح بعصيها وهراواتها وكان على رأسهم الغول ميسرة ،
وصرخ : لا تتركوه يهرب فلا أفهم كيف نجى من الضفادع السامة التي تفترس كل من يدخل إلى هذه الغابة من الناس !!ندم برهان الدين على تهوره وجرى بكل قوة نظر وراءه وعرف أن الأغوال ستلحقه وهو هالك لا محالة .
لكن في هذه اللحظة رأى غارا صغيرا فدخله توقف ميسرة ومن معه عن ملاحقته وقال: لقد وقع هذا الغبي في الفخّ، فهو لا يدري أن عنكبوتة الأرملة السوداء تسكن هذا الغار
وستقبض عليه وتمتص أحشائه سيكون موته فظيعا أخذ الأغوال حجرا كبيرا وسدوا به المدخل ثم إنصرفوا في حال سبيلهم .
لمّا قابل ميسرة قمر الزمان روى لها أنهم طاردوا رجلا من الإنس وتمكن من الهرب لكنه دخل جحر العنكبوتة المخيفة وهو الآن محبوس معها ثم ضحك وقال : سيصبح طعاما لها من المؤسف أنّها لن تترك لنا منه إلا الجلد والعظم .
حزنت قمر الزمان على برهان الدين لكنها أخفت مشاعرها لان اذا كان علم ميسرة بانها هي التي كانت تعتني به سوف يكون اخر يومها في هاذه الغابة